في الدراسة الاستقصائية الأولى عن العنصرية في البلدان الناطقة بالعربية، كشف استطلاع، أجرته شبكة الباروميتر العربي للأبحاث لصالح قناة بي بي سي نيوز عربي، عن اعتراف واسع النطاق من قبل المواطنين العرب في عدة دول عربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إضافة الى الأراضي الفلسطينية بأن التمييز العنصري يمثل مشكلة.
وشمل استطلاع الشبكة التي تتخذ من جامعة برينستون الأمريكية مقرا لها، سبر آراء ومواقف 23000 شخص من الأردن ولبنان ومصر وتونس وموريتانيا والمغرب والسودان والعراق وليبيا والأراضي الفلسطينية. وأجري الاستطلاع بين أواخر عام 2021 وربيع عام 2022. ويعد استطلاع الرأي هذا الأوسع نطاقا في العام العربي على الإطلاق.
ويُعد استطلاع الباروميترالعربي لعام 2022 أول مسح رئيسي حول العرق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يكشف عن اعتراف كبير بالتمييز العنصري داخل البلدان التي شملها الاستطلاع.
الاعتراف بالمشكلة
تقول نسبة تتراوح بين 37 في المئة إلى 67 في المئة في 6 دول شملها الاستطلاع وهي المغرب وليبيا ولبنان والسودان والأردن والعراق فضلا عن الأراضي الفلسطينية أن التمييز العنصري يمثل مشكلة.
وفي تونس، تبلغ نسبة المواطنين الذين يعتقدون أن التمييز العنصري يمثل مشكلة 80 في المئة، وهي أعلى نسبة في المنطقة.
وتُعد مصر هي الاستثناء، حيث يقول 8 في المئة فقط من المواطنين إن التمييز العنصري يمثل مشكلة. بالإضافة إلى ذلك، يقول 86 في المئة من المصريين أيضا أنه لا يوجد تمييز عنصري “على الإطلاق” ضد الأفراد ذوي البشرة الداكنة و 82 في المئة يقولون أنه لا يوجد تمييز عنصري “على الإطلاق” ضد الأفراد ذوي البشرة السوداء.
ويذكر أن البلد الوحيد الذي شملته الدراسة الاستقصائية وليس لدينا بيانات بشأنه حول هذا الموضوع هو موريتانيا حيث طلبت السلطات تعديل أو إزالة الأسئلة المتعلقة بالتمييز العنصري.
البشرة الداكنة والتلفزيون
يقول أكثر من نصف المواطنين في جميع البلدان والأراضي الفلسطينية باستثناء مصر ولبنان وليبيا إنهم يرغبون في رؤية المزيد من الأفراد ذوي البشرة السوداء على شاشة التلفزيون.
وفي تونس، قال 79 في المئة إنهم يرغبون في رؤية المزيد من الأفراد ذوي البشرة السوداء على شاشة التلفزيون.
وينقسم المواطنون اللبنانيون والمصريون بالتساوي تقريبا بين أولئك الذين يرغبون في رؤية المزيد من الأفراد ذوي البشرة السوداء على شاشة التلفزيون وأولئك الذين يقولون إن ذلك لا يهمهم.
وفي ليبيا، لا يفضل 27 في المئة رؤية المزيد من الأفراد ذوي البشرة السوداء على شاشة التلفزيون، وهي النسبة الأعلى بين جميع البلدان التي شملها الاستطلاع والأراضي الفلسطينية.
ويفضل 60 في المئة من العراقيين رؤية المزيد من الأفراد ذوي البشرة السوداء على شاشة التلفزيون، مقارنة ب 28 في المئة من أولئك الذين يعيشون في المنطقة الكردية. ويقول 49 في المئة من الذين يعيشون في المناطق الكردية إن ذلك لا يهمهم مقارنة ب 17 في المئة من العراقيين الذين يعيشون في أنحاء أخرى من العراق.
أول قانون ضد التمييز
كانت تونس في عام 2018 هي أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسن قانوناً يعاقب التمييز العنصري للتصدي للتنمر الذي يتعرض له كل من أبناء البلاد من أصحاب البشرة الداكنة والأفارقة.
وكانت عدة مؤسسات من المجتمع المدني، من أبرزها جمعية “منامتي”، المناهضة للعنصرية، قد طالبت منذ ثورة 2011 بإقرار قانون يجّرم العنصرية في تونس.
وكان عشرات الطلبة الأفارقة قد نظموا مظاهرة وسط العاصمة التونسية في عام 2016 للمطالبة بتجريم العنصرية وتوفير الحماية الأمنية لهم في البلاد، عقب تعرض فتاتين تحملان الجنسية الكونغولية لاعتداء.
وقد ثارت قضية العنصرية في السودان مؤخرا بسبب سُبة عنصرية بثت على الهواء مباشرة على التلفزيون السوداني خلال محاكمة الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
وكان أعضاء فريق الدفاع عن البشير يتجاذبون أطراف الحديث فيما بينهم في قاعة المحكمة بالعاصمة الخرطوم، ولم يدركوا أن ميكروفوناتهم لا تزال مفتوحة، عندما استخدم أحدهم لفظا عنصريا مسيئا ضد الصحفي لقمان أحمد الذي أُقيل من منصب مدير الإذاعة والتلفزيون الحكومي.
وكان قد تم تعيين لقمان أحمد، مراسل بي بي سي عربي السابق الذي ينحدر من دارفور ، في هذا المنصب عندما كان تحالف مدني وعسكري يتقاسمان السلطة بعد الإطاحة بالبشير.
وهناك اعتقاد راسخ أن عنصرية نخبة العاصمة الخرطوم لعبت دورا في الاضطرابات التي شهدتها البلاد عبر التاريخ.
ولقد دفع ذلك في نهاية المطاف جنوب السودان إلى الاستقلال فضلاً عن إشعال عمليات تمرد ضد التهميش الذي يتعرض له أبناء دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وهي مناطق تضم جميعها عددًا كبيرًا من السكان غير العرب.
وقد انتشر مقطع المحامي على نطاق واسع وسارع الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التنديد بالإهانة العنصرية التي وجهت للقمان أحمد.
وأعاد ذلك إلى الأذهان أحد شعارات انتفاضة 2019 عندما كان يهتف الثوار: “يا عنصري ومغرور، البلد كله دارفور”.
وكانت هذه الهتافات موجهة للبشير الذي وصل إلى السلطة في عام 1989 في انقلاب عسكري دعمه الإسلاميون وتطلخت سمعة نظامه في جميع أنحاء العالم بسبب الصراع في دارفور.
وقد اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور بعد أن بدأت المليشيات العربية الموالية للحكومة المعروفة باسم الجنجويد ، في أوائل العقد الأول من القرن الحالي باستهداف القرى وطرد سكانها غير العرب.
وفي عام 2019، أثار مقطع فيديو الغضب في مصر. وقد أظهر المقطع المتداول صبيا مصريا يدعى سيد حسن وصديقه وهما يعترضان طريق طالب إفريقي ويحاولان الاستيلاء على حقيبته المدرسية، وسط قهقهة صديقهما الثالث الذي كان يصور الواقعة.
وانبرى الشاب المصري في تقليد لهجة المراهق الإفريقي، الذي اتضح لاحقا أنه يدعى جون مانوث وينحدر من جنوب السودان.
واستهجن نشطاء مواقع التواصل في مصر الواقعة، وطالبوا بالقبض على المراهقين الثلاثة وبمحاسبتهم.
ودفعت الواقعة قوات الأمن المصرية للتحرك والقبض على الشبان الثلاثة.
برأيكم،
هل هناك عنصرية في مجتمعاتكم ضد أصحاب البشرة الداكنة؟
وإذا كانت التوجهات العنصرية موجودة فمن المسؤول عنها؟
ماهي أبرز أشكال التمييز العنصري التي تلمسونها في مجتمعاتكم؟
وهل تتزايد مثل هذه التوجهات العنصرية في مجتمعاتكم أم تتراجع؟
وما رأيكم في اعتراف الناس للباروميتر العربي بأن العنصرية تمثل مشكلة في بلدانهم؟
وكيف برأيكم يمكن معالجة هذه المشكلة؟
المصدر: https://www.bbc.com/arabic