تجميد الميزانيات .. أحدث حلقات عنصرية الاحتلال ضد فلسطينيي 48
الناصرة – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يكن قرار وزير مالية الاحتلال المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، تجميد الأموال المخصصة للسلطات المحلية العربية في أراضي 48 إلاّ حلقة جديدة من عنصرية الاحتلال التي تستهدف الوجود العربي في فلسطين التاريخية.
وأقدم الفاشي سموتريتش، على تجميد “هبات موازنة” كانت مخصصة للسلطات المحلية العربية، كانت مخصصة للسلطات المحلية العربية، الأحد الماضي، علمًا أن هذه الأموال مصدق عليها خلال ولاية الحكومة الإسرائيلية السابقة، برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد.
عنصرية حكومة فاشية
وأثار قرار سموتريتش، المعروف بمواقفه العنصرية والمتطرّفة تجاه العرب والفلسطينيين، ردود فعل غاضبة على مستوى السلطات المحلية العربية، وسط إجماع بأن ذلك يأتي في إطار السياسات العنصرية التي تغلف عمل حكومة اليمين الأكثر فاشية في تاريخ الكيان الصهيوني.
وقال رئيس لجنة المتابعة العليا بأراضي 48، محمد بركة إن قرار الحكومة الإسرائيلية بعدم تحويل 317 مليون شيكل للسلطات المحلية العربية هو قرار عنصري”.
والقرار يؤكد – وفق بركة- طبيعة هذه الحكومة الصهيونية بأنها “تدفع إلى دولة عرقية سافرة بالكامل، دون مساحيق تجميلية، ودون تبجُّحات بالديمقراطية المعوّقة”.
وفلسطينيو 48 هم جزء أصيل من الشعب العربي الفلسطيني، تسنّى لهم البقاء ضمن أراضي 48 في فلسطين التاريخية، وحافظوا على كيانهم وهويتهم الوطنية؛ ورغم حيازتهم على بطاقة إسرائيلية فإن الكيان يتعامل معهم بعنصرية مقيتة.
السياسة الرسمية الإسرائيلية، تتبنى نهجاً كاملاً معادياً للعرب وللفلسطينيين، لكونهم كذلك.
رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة
ويؤكد بركة أن القرار يؤكد من جديد أن السياسة الرسمية الإسرائيلية، تتبنى نهجاً كاملاً معادياً للعرب وللفلسطينيين، لكونهم كذلك، ويعتمد العنصرية الفظة التي تتمثل في جعل الجريمة مشروعًا سياسيًا تفكيكيًا، تعتمده المؤسسة الإسرائيلية رسميًا.
وأشار إلى التمييز الصارخ في الخدمات والميزانيات، وفي أزمة الأراضي والسكن في القرى والمدن التي يقطنها الفلسطينيون، وفي مشاريع يجري تنفيذها لنهب الأرض ومواصلة هدم البيوت اليومي، وإقامة مستوطنات لليهود في النقب، وتسييب قطعان الفاشية اليهودية ضد الفلسطينيين، وفي الشوارع وفي المس اليومي بالمقدسات.
ويقدر عـدد الفلسطينيين المقدر في نهاية عام 2021 في أراضي 1948 حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني “الفلسطينيون في نهاية عام 2021” نحو 1,673,614 نسمة.
وحذَّر رئيس المتابعة حكومة الاحتلال من أخطار دفع الجماهير الفلسطينية إلى الحائط وما قد ينتج عن ذلك، قائلًا “ولن نكون مختبر تجارب إسرائيلي لصياغة الفاشية الجديدة في القرن الـ21″، مؤكدا “نحن أصحاب البلاد”.
وشردت العصابات الصهيونية 80% من أهل فلسطين إبان النكبة عام 1948؛ واقتلعتهم من قراهم ومدنهم، وشُرّدوا في بقاع الأرض، في حين بقي 120 ألف نسمة صامدون في أرضهم ويواجهون كل أشكال العنصرية حتى هذا اليوم.
خطوات للمواجهة
رئيس مجلس محلي عيلبون سابقا ومدير المركز العربي للتخطيط البديل، د. حنا سويد، يشير إلى أن هناك سلطات محلية عربية بالنسبة لها هبات الموازنة وحدها تشكل ما يقارب 20-25% من ميزانياتها بسبب غياب المداخيل المحلية من مناطق صناعية وتجارية تغني صناديق السلطات المحلية، وفق عرب 48.
لذلك يطالب سويد بخطوات لمواجهة تنفيذ القرار منها إعلان الإضراب وأن يرافقه نشاطات وفعاليات عارمة، وليس فقط إغلاق السلطات المحلية والجلوس وانتظار مكالمة من الوزير لأنها لن تأتي، وإنما يجب التحرك شعبيا في مظاهرات عارمة في كل أنحاء البلاد وفي كل شوارعها وعلى كل المفارق”.
تحرك قضائي
أما رئيس مجلس محلي طرعان، مازن عدوي، فأكد ضرورة بحث موضوع التوجه إلى القضاء، بالتوازي مع تحرك جماهيري شعبي وإغلاق المفارق التي تعد حيوية وشرايين رئيسية في البلاد، وصولا إلى القدس وإقامة خيمة اعتصام أمام مباني الحكومة”.
وأضاف “لسنا متفاجئين من قرار هذه الحكومة العنصرية وزمرة المتطرفين التي تقف على رأس هذه الحكومة، والذين هدفهم الأول هو التضييق على العرب في كل مناحي الحياة سواء إن في محاربة العنف والجريمة أو تجميد الميزانيات”.
لسنا متفاجئين من قرار هذه الحكومة العنصرية وزمرة المتطرفين التي تقف على رأس هذه الحكومة، والذين هدفهم الأول هو التضييق على العرب في كل مناحي الحياة.
رئيس مجلس محلي طرعان، مازن عدوي
وقال “حين قررت الحكومة السابقة منحنا هذه الميزانيات قام كل مجلس ببناء الخطط والبرامج اعتمادا على الميزانيات المقررة، ولم نكن نفكر بأن الأمور ستنقلب على هذا النحو وتأتي حكومة فاشية يكون فيها سموتريتش وبن غفير وأمثالهما في مواقع اتخاذ القرار، وتجميد هذه الميزانيات يعني إدخال السلطات المحلية في عجز مالي يزيد من صعوبة الأوضاع”.
وفعليا توجّه مركز “عدالة” برسالة عاجلة باسم اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية إلى المستشار القضائي لوزارة المالية، آسي مسينج، اعتراضًا على قرار وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي تمّ بموجبه تجميد ميزانيات خُصّصت للسلطات العربية.
وحذر مركز “عدالة” الحقوقي، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، أن قرار تجميد الميزانيات التي أقرتها الحكومة السابقة، وبالتالي حرمان السلطات المحلية العربية منها، سيؤدي إلى تعميق الفجوات الاقتصادية، الناتجة عن سياسات تمييز ممنهجة لسنوات.
وأشار إلى أن “قرار تجميد الميزانيات هو قرار تعسّفي وخالٍ من الأسس القانونية، وسوف يؤدي إلى تعميق الفجوات الاقتصادية القائمة بين المجالس المحلية العربية واليهودية، الناتجة عن سياسات تمييز ممنهجة على مدار سنوات”.
خطوات ليست مفاجئة
الخبير في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر يرى أن قرار وزير مالية الاحتلال المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، لم يكن مفاجئًا؛ لأنه يأتي انطلاقًا من انسجامه مع السياسة الرسمية التي أعلنتها حكومة اليمين الفاشي الحالية تجاه فلسطينيي الـ48، واقتصار تعاملها معهم على تشغيل الشرطة وقوات الأمن وتكثيف جمع المعلومات الاستخباراتية عنهم، بعدهم “طابورًا خامسًا” داخل كيان الاحتلال، رغم استمرار الفجوات الواسعة بين الخدمات البلدية الفلسطينية والإسرائيلية.
ولا يقتصر التعسف الإسرائيلي بحق فلسطينيي الـ48 على قرار سموتريتش الحالي، بل إن الأمر يعود – وفق أبو عامر- إلى مستوى البنية التحتية المهترئ في بلداتنا الفلسطينية في الداخل المحتل، واتساع الفجوات العميقة بين الخدمات البلدية التي يتلقونها مع تلك المقدمة للمحتلين اليهود، فضلًا عن عدم الفحص الكافي لاحتياجاتهم الحيوية، بما في ذلك قضايا الرفاهية والشبابية والثقافية والفنية، مع عدم تجاهل البعد السياسي الوطني.
يصعب -وفق أبو عامر- قراءة هذه التوجهات والقرارات السياسية والأمنية التي يتخذها الاحتلال بمعزل عن نظرته العنصرية تجاه فلسطينيي الـ48، وتزايد تقديراته بشأن انخراطهم في المزيد من الأعمال الوطنية.
الكاتب عدنان أبو عامر
القرار الأخطر -حسب ما عرضه أبو عامر في مقال له تابعه المركز الفلسطيني للإعلام- الذي اتخذته حكومة الاحتلال الحالية بشأن تشكيل “الحرس الوطني”، جاء استكمالًا لاستعادة الحكم العسكري ضد فلسطينيي الـ48، فضلًا عن تعزيز عمل جهاز الأمن العام- الشاباك، بزعم محاربة الجريمة، وما شمله ذلك من مضاعفة القوات الأمنية المحتلة بين صفوفهم، رغم أن تعزيز هذه القوات الأمنية ليس من شأنها أن تؤدي إلى حلّ حقيقي لظاهرة الجريمة، لأن الاحتلال ذاته متورط فيها، وهو ما لا يتسع المجال لذكر شواهده في هذه العجالة.
يصعب -وفق أبو عامر- قراءة هذه التوجهات والقرارات السياسية والأمنية التي يتخذها الاحتلال بمعزل عن نظرته العنصرية تجاه فلسطينيي الـ48، وتزايد تقديراته بشأن انخراطهم في المزيد من الأعمال الوطنية، حتى لو جاءت بلباس مدني سلمي، بعدهم نقطة الضعف لدولة الاحتلال، كما حصل في هبة الكرامة في مايو 2021، وقبلها في هبة أكتوبر 2000، ومن قبلهما في مارس 1976، حين بدأ التأريخ ليوم الأرض.