تحت عنوان “دعاوى التمييز والعنصرية بعد الزلزال – تصرفات فردية أم ظاهرة مقلقة؟ وما طرق التعامل معها ؟

تحت عنوان “دعاوى التمييز والعنصرية بعد الزلزال – تصرفات فردية أم ظاهرة مقلقة؟ وما طرق التعامل معها ؟

عقدت منظمة متحدون ضد التعصب الطائفي ندور حوارية ضمن برنامج صالون متحدون الثقافي استضافت خلاله الأستاذ جلال ديمير رئيس بيت الإعلاميين العرب متحدثاً. والدكتور عبد الكريم بكار معقباً

أدار اللقاء الأستاذ مؤيد حبيب حيث بدأ بتقديم تعزية ومواساة باسم المنظمة لكل ضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا صباح يوم الاثنين 6 شباط 2023

ثم أعقب قائلاً: خلال ثوان معدودة في كارثة الزلزال وجد السوريين والأتراك أنفسهم في كارثة إنسانية فاق ضررها كل التوقعات، خلفت عشرات الألاف من الضحايا والمفقودين والملايين من الناجين المشردين ودماراً لا يمكن وصفه

لكن رغم عظم الفاجعة التي لم تفرق في أثارها بين السوريين والأتراك ولا بين أبيض وأسود ولا بين غني وفقير. إلا أن بعض الجهات السياسية استغلت الأزمة الإنسانية لزيادة التحريض والكراهية تجاه السوريين، مستغلة ملف الوجود السوري للطعن بالحكومة وتحقيق مكاسب سياسية خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

دعاوى التمييز والعنصرية بعد الزلزال

تصرفات فردية أم ظاهرة مقلقة؟ وما طرق التعامل معها؟

كلمة الدكتور عبد الكريم بكار:

حقيقة مشكلة العنصرية والطائفية والانقسام المجتمعي، هي مشكلة قديمة جديدة، دائماً كان هناك من يدعي أن له نوعاً من النبل والفضل والتميز على الآخرين، ويحاول توظيف تلك الدعوة من أجل الحصول على امتيازات ومكاسب، والعالم كله عانى من ذلك ولازال يعاني، فمثلاً أوروبا التي عانت من الانقسامات فترة طويلة وبعدما سادت فيها روح ديمقراطية وتقبل الغرباء، بدأ نجم اليمين المتطرف يسطع الرافض للأجانب والمعتز بالدم الأوروبي والثقافة الغربية لحد التعصب المقيت.

أيضاً تكررت هذه المعاناة عند العرب في الجاهلية، حتى جاء الإسلام ووضع قواعد كثيرة والنبي عليه الصلاة والسلام بسيرته وسلوكه حاول القضاء على الكثير من الميزات حيث زوّج بعض العتقاء الذين كانوا عبيداً من قرشيات كريمات من أجل أن يكسر حدة التعصب العنصري والطبقي الذي كان موجوداً، ويقول الله تعالى: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وأنا أفهم التقوى في هذا السياق على أنها العمل الصالح والإحسان إلى العباد، والذي يحسن للخلق يحسن إلى البلاد يقف إلى جانب الضعيف والمظلوم ويبني المرافق العامة، هؤلاء هم أصحاب الكرامة عند الله تعالى، ويجب أن نحترمهم في الدنيا ونعطيهم قدرهم ونعلي من شأن هذا النموذج لتقتدي به الأجيال الجديدة. وفي أكبر تجمع إسلامي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يوم عرفة حيث حضر قرابة مئة وعشرين ألفاً من الصحابة رضوان الله عليهم، أعلنها عليه الصلاة والسلام: “لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى، كلكم لآدم، وآدم من تراب”.

النقطة الثانية التي أسسها الإسلام هي أن الأرض لله سبحانه وتعالى، والخَلق لله حتى الأموال التي نملكها هي لله، وهي تحت أيدينا نتصرف بها تصرف المستأمَن والمستخلًف وليس تصرف المالك الحر؛ فليس من حق الإنسان أن يقلع عينه، أو أن يقتل نفسه، أو أن يبدد الأموال التي لديه كما قال الله سبحانه وتعالى: “ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين” فهذه الأرض لله ويجب علينا أن نكرم في كل أرض أنفعهم للناس وأكثرهم خيراً وتقديماً للمثل والنماذج الرفيعة.

أنا أشبه الدعوات العنصرية بالجدري في الوجه الجميل، وتصبح فيه تلك التشوهات هكذا الوطن الجميل عندما يخرج العنصريون ويجهرون بالاتهامات ت الكاذبة، ويوظفون الاختلاف الطبقي واللغوي والعرقي من أجل مكاسب سياسية، ولذلك هناك مبدأ يقول لاعنصرية بدون عنصريين أي إن العنصرية في أي بلد لا يرتفع صوتها، ولا تطغى إلا من خلال وجود عنصريين يستثمرون فيها، فهذا يريد أن يفوز بالانتخابات، وذاك يريد أن يصبح زعيماً وفي بعض الدول يريد أن يشكل ميليشيا، فيدعي أنه يحمي عنصره أو طائفته أو جماعته، ويريد أن يتزعم عصابة فيأتي بدعوى الطائفية والعنصرية.

الشعوب بشكل عام يألف بعضها بعضاً، ويكون هناك مصاهرة ونسب وأخوّة ولكن المشكلة مع العنصريين، فهؤلاء ضررهم على المجتمع واضح وبيّن ولكن المجتمع أيضاً يتحمل مسؤولية؛ فحين يكون في أي مجتمع عناصر ضعيفة أو غرباء أو ضيوف أو لاجئون والمجتمع يقف على الحياد من التصرفات العنصرية بحقهم، فهو ليس محايداً بل مشجعاً لهذه الأفعال، وبالتالي المطلوب من الجميع أن يقف وقفة أخلاقية تليق بمجدنا المشترك الذي صنعه العرب والأتراك كتفاً لكتف في صد الاستعمار الأوروبي عن العالم العربي قرنين من الزمان وهذه هي شواهدالمقابر في جناق قلعةوغيرها تحمل أسماء الشهداء من حلب ودمشق والعراق… لأننا كنا بلداً واحداً فترة طويلة من الزمان فعندما دخلت الجيوش التركية إلى تونس أو مصر أو سورية لم يكونوا مستعمرين بل كانوا إخوة يمون بعضهم على بعض ويساعد بعضهم بعضاً،

لذلك كلي أمل أن يكون لدينا في المدارس مادة تعليمية تُدرّس في كل السنوات تتحدث عن الاندماج والتعايش والمواطنة وحقوق الأخوة والعمق الإنساني الذي وصفه الله عز وجل بقوله: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وقوله: “ولقد كرمنا بني آدم”.

 

كلمة الأستاذ جلال دمير:

حقيقة ومن خلال عملي منذ فجر يوم الاثنين 6-2-2023 وحتى هذه اللحظة وفي أغلب المدن التي أصابها الزلزال لم أر أي تمييز أو تصرف عنصري ولم أشهد على أي تفرقة بالمعاملة بين السوريين والأتراك، وقد تم إخراجهم من نفس المبنى بل وتم إخراج بعض السوريين أولاً. أيضاً أحب أن أنوه إلى نقطة مهمة خلال عمليات الإنقاذ يستخدم المختصون أجهزة تكشف عن وجود أحياء تحت الأنقاض، لكن حين لا يعطي الجهاز أي إشارة، ويبدأ فريق الإنقاذ بالانتقال إلى موقع أنقاض آخر للبحث عن ناجين يبدأ ذوو الضحايا في الموقع الأول باعتراض طريق فرق الإنقاذ، ويطلبون منهم إعادة النظر مرة أخرى لعلهم يحصلون على دليل يُثبت حياة ذويهم، وهذه الأفعال في كثير من الأحيان تم تصنيفها على أنها تصرفات عنصرية، وهي ليست كذلك. لهذا ومن خلال وجودي وعملي في المدن المنكوبة لم أشاهد أي تمييز أو تفرقة في عمليات الإنقاذ أو في توزيع الخيام أو في إخلاء المدن.

كلمة الأستاذ وسام الكبيسي:

ماذا ينبغي علينا أن نفعل؟ وكيف يجب أن نتحرك في مواجهة أصوات الدعاوى للعنصرية؟ الدعاوى العنصرية هي لا شك لا تمثل الصوت الأكبر في مجتمعاتنا ولكن أصوات النشاز غالباً تكون عالية كصوت الطبل الفارغ، يكون داخله أجوف ولكن صوته عالٍ، ولذلك نحن نحتاج أن نتحرك ونعمل من أجل أن نحدد وسائل وآليات لكي نستطيع إسكات هذه الأصوات، أو نفرض عليهم أن يتراجعوا عن توجهاتهم. سأقدم مقترحين مهمين في عرض حديثي: المقترح الأول هو أن نعمل على بناء تحالف كبير داخل المجتمع التركي بعنوان تحالف رفض العنصرية على جميع المستويات والجهات سواء كانت حكومية رسمية أو أحزاب سياسية، وينبغي أن يكون هناك تحرك في الإعلام، ووضع خطة إعلامية لمواجهة هذا الأمر مع المثقفين والمفكرين الموجودين في المجتمع سواء كانوا من العرب أو الأتراك أو الأمم الأخرى الموجودة في تركيا.

المقترح الثاني ينبغي أن يكون تحرك من قبل الجهات التي لها علاقات مع منظمات دولية مختصة ومعنية بهذا الشأن ويكون هناك رصد للتصرفات والسلوكيات العنصرية ومحاولة إظهارها للعالم الخارجي وتقديم هذه التصرفات كشهادات تدين هؤلاء وتكشف طرق تعاملهم خصوصاً أن هناك معايير موجودة في الاتحاد الاوروبي مثلاً، ويكون هناك ضغط من خلال المنظمات وليس فقط من خلال الحكومات فهناك مثلاً منظمات داخل مؤسسة الاتحاد الأوروبي يتوجب العمل معها من أجل أن يكون هناك لهم دور في فضح مثل هذه السلوكيات والتصرفات لأنها قد تردع وتقلل من قدرتهم على أن يقوموا بهذه الأفعال الشنيعة.

كلمة الدكتور محمد نور حمدان:

إن الشعب التركي طيب بفطرته لا يوجد عنده حس التمييز والعنصرية ولكن خلال الزلزال رصدنا بعض التصرفات الفردية وفي كثير من الأحيان كانت القوانين تساعد على التصرفات العنصرية مثال على ذلك أنه تم إلغاء قانون إذن السفر بين الولايات مؤقتاً لكن في بعض المطارات لم يتم العمل بذلك ولم يسمح لبعض اللاجئين من الصعود للطائرة لعدم حصولهم على إذن للسفر أيضاً تكرر الأمر في بعض مراكز  انطلاق الحافلات، أيضاً شاهدنا تسييس حادثة الزلزال من قبل بعض الأحزاب وتحريضهم على اللاجئين، لكن بفضل الله كانت الحالة العامة السائدة خالية من التمييز لذلك نحن بحاجة لنشر توعية أن هذه المنطقة واحدة وآلامها واحدة وآمالها واحدة وإن هذا الزلزال حين ضرب المنطقة لم يفرق بين سوري وتركي ولم يأبه بالحدود بين سورية وتركيا فأهالي حلب واللاذقية وإدلب عاشوا لحظاته كما عاشها أهالي كهرمان مرعش وهاتاي وعنتاب، ومن المهم أيضاً الابتعاد عن تسييس حادثة الزلزال فمن المتوقع تصاعد أصوات تطالب بإخراج اللاجئين من الولايات التي أصابها الزلزال بحكم أنها مدن منكوبة.

كلمة الدكتور مازن شيخاني:

يتوجب علينا توصيف المشكلة كما هي وعلى ما هي عليه، وهذا أول خطوة للحل فلو أنكرنا وجود تصرفات عنصرية لن نتمكن من علاجها. حيث حصلت بعض حوادث التمييز الفردية، وبعضها وصل للتعرض للضرب حيث نه لا يوجد قانون رادع لهذه التصرفات ومن غير الكافي معالجة هذا الأمر بالقيم الأخلاقية بل يجب أن تتبع بقوانين تجرّم السلوك العنصري.

*جميع المقالات المذكورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المنظمة