كتب وائل نجم
تصاعد الخطاب العنصري ضد اللاجئين!
تصاعد في المرحلة الأخيرة في لبنان الخطاب العنصري ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين بشكل عام، وذلك في ضوء الحديث عن موجات “نزوح” ولجوء سوري كبيرة وواسعة نحو لبنان حتى أنّ بعض الوسائل الإعلامية تحدثت عن آلاف السوريين الذين يعبرون بطرق غير شرعية وقانونية من سوريا ومن مناطق النظام تحديداً نحو الداخل اللبناني. وقد ترافقت نبرة الحديث هذه عن تحذيرات من مخاطر وجودية صرّح بها بعض المسؤولين على اعتبار أنّ تعاظم اللجوء السوري في لبنان يشكّل خطراً على لبنان تماماً كما حصل مع اللجوء الفلسطيني قبل نحو خمسين سنة أو أكثر وما زال مستمراً إلى اليوم في ذهنية وعقلية البعض.
لقد وجد البعض في لبنان في اللجوء السوري شمّاعة يعلّق عليها أزمات لبنان العديدة والكثيرة؛ ووجد البعض الآخر في ذلك فرصة للتخلّص من مسؤولية ما بلغته الأوضاع في لبنان؛ ووجد آخرون في ذلك فرصة للمتاجرة بهذه المأساة على قاعدة التخويف والتهويل من أجل تحقيق مكاسب سياسية داخلية؛ ووجد غيرهم في ذلك فرصة لغسل اليدين من الدم السوري عبر الظهور بمظهر المهتم بهؤلاء اللاجئين الباحث لمأساتهم عن حلول وقد وجدها في ضرورة فك الحصار الأمريكي مرّة وفي انتهاء الحرب الكونية على سوريا النظام مرّة ثانية.
لقد بات الحديث عن اللجوء السوري مادة للكثير من السياسيين الذين يجدون في ذلك فرصة لإلهاء اللبنانيين أو لإيجاد “خطر” جديد يهدّدهم وهم الذين يعانون بشكل مستمر من الأزمات المتلاحقة، فيما الطبقة السياسية دائماً ما تطرح القضايا والمواضيع التي تجعلها تهرب إلى الأمام.
كثيراً ما يحدثنا المسؤولون عن مخاطر اللجوء السوري، وعن الأكلاف الكبيرة التي يتحمّلها لبنان بسبب هذا اللجوء، وأنّ هذا اللجوء بات عبئاً كبيراً على لبنان كما لو أنّه المسؤول عن أزمات لبنان كلّها، ويصدّق اللبناني المسكين هذه المقولات وينقاد لهذه الإدعاءات التي يريد مطلقوها تحقيق المكاسب السياسية أو المصالح الخاصة، فيتحولون إلى دمى بأيدي هذه الطبقة التي باتت تحسن المتاجرة بقضية اللاجئين حتى لو كان ذلك على حساب الإنسانية أو جرى فيه الترويج لبث الروح العنصرية.
قبل أيام قليلة كان وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال القاضي عباس الحلبي ضيفاً في أحد البرامج التلفزيونية وكان يتحدث عن انطلاق العام الدراسي وعن مشكلة إضراب المعلمين، غير أنّه كشف خلال حديثه أمراً في غاية الأهمية إذ اعترف أنّ صناديق المدارس التي تؤي طلاب سوريين لا تعاني من نقص مالي، وأنّ بعض مدراء المدارس يطالب بفتح قسم للطلاب السوريين في المدرسة التي يشرف على إدارتها بهدف تحقيق وفر مالي لصندوق المدرسة، فكيف يمكن أن يكون اللاجىء السوري بهذا الاعتبار عبئاً على لبنان؟!
إنّ مسألة اللاجئين في لبنان باتت مجردّة من كلّ المعاني الإنسانية والأخلاقية وباتت خاضعة للاعتبارات السياسية والمصلحية فحسب، في حين أنّ المطلوب، وبسبب المعاناة المشتركة بين اللبنانيين وبين اللاجئين أن يكون الشعور مشتركاً والتفّهم قائماً والتعاون لإدارة هذه المرحلة موجوداً بعيداً عن أي خطاب عنصري حاقد فلبنان لا يتحمّل مثل هذه الخطابات.