رسالة من رائد أعمال عربي لكل متأثر أو حامل لرياح العنصرية البغيضة في تركيا..

رسالة من رائد أعمال عربي لكل متأثر أو حامل لرياح العنصرية البغيضة في تركيا..
إستمع إلينا جيداً..

لقد سكب أجدادنا العرب دماءهم على هذه الأرض على الكثير من الجبهات ضد الغزاة في جناق قلعة وغيرها ولاتزال شواهد قبورهم شاهدة بأسمائهم وأسماء مدنهم، ونحن بدورنا سكبنا ونسكب عرقنا عليها كل يوم منذ ١١ عاماً، ولن نبخل بدمائنا يوماً في سبيلها، ونشترك في هذا مع كل مخلص غيور ولديه خلق الوفاء والغيرة لأمة الإسلام، من كل الجنسيات والأعراق التي شكلت النسيج المجتمعي لبلاد الأناضول عبر التاريخ، لذلك نحن نعتقد بأننا أصبحنا شركاء في هذه الأرض مع جميع الاخوة الأتراك على اختلاف جنسياتهم وأعراقهم الأصلية، وهذا ما سمعناه من أخوتنا الأتراك من اليوم الأول لقدومنا..

أعرف العديد من رواد الأعمال العرب في تركيا الذين يدفع الشخص الواحد منهم الإيجار شهرياً لثلاث عوائل تركية تعيل نفسها وتأكل كل يوم من إيجارات عقاراتهم المؤجرة للعرب، كل رائد أعمال عربي في تركيا يدفع اليوم لأخيه التركي إيجار مسكن ومتجر ومستودع على أقل تقدير، أي أنه يعيل ٣ عوائل تركية على أقل تقدير إلى جانب عائلته..
لو سألنا التركي المتذمر من وجود العرب والسوريين في تركيا كم عائلة تركية يعيل؟! أسرته فقط..

نحن لدينا الآن في شركتنا المتخصصة بنشر الكتب بفضل الله أكثر من ٣٥٠ إصدار تركي باللغات العربية والتركية والإنكليزية وحتى الألمانية، صُنعت بخبرات سورية ومصانع تركية مابين ٢٠١٧ وحتى الآن، وجديدنا بمعدل ٥ إصدارات شهرياً مدادها إبداعات نخبة المفكرين والكتاب والمبدعين العرب والأتراك من المحيط إلى الخليج، نحن نقوم بتصديرها إلى كل أنحاء العالم من تركيا وعبر مستودعاتنا في المنطقة العربية وأوروبا، ونشارك بها في أغلب المعارض الدولية باسم تركيا، ونترجم من وإلى العديد من اللغات، نحن ندفع الضرائب أيضاً بأرقام ليست بالقليلة، إذاً نحن جزء فاعل في مشروع نهضة تركيا ونمو تركيا وقوة تركيا، ولا يستطيع أحد أن ينكر علينا ذلك.
ونحن مجرد مثال صغير من رجال ورواد الأعمال العرب وأصحاب المؤسسات العربية في تركيا في مختلف المجالات التعليمية والصناعية والتجارية والمطاعم وغيرها.. الذين يشغلّون آلاف العمال والمصانع التركية ويديرون استثمارات بالمليارات..

لا أستطيع تخيل توقف علاقاتنا الرائعة مع جيراننا الأتراك الطيبين ولا مع شركائنا وزملائنا الأتراك المبدعين، ولا مع أصحاب المطابع أو معامل التجليد الأتراك التي ننتج عندهم إصداراتنا، أو مع التجار الأتراك الذين نشتري منهم موادنا الأولية من الورق والكرتون..
لا يمكننا أن ننسى مواقفهم الشهمة معنا، ودعمهم وإخلاصهم الكبيرين لنا، هذا كنز حقيقي لا يضيعه عاقل..
لقد صنعنا معهم قصة نجاح مميزة لا يمكن أن نفرط بها بأي حال، لذلك لن نوقف أعمالنا في تركيا حتى بعد رحيل المجرمين في بلادنا، سنعود لإعمارها نعم لكن لن نوقف ما بدأناه في تركيا؛ لأننا أصبحنا ندين لهذه الأرض بالولاء ولأهلها الطيبين بالمودة والعشرة والسميت والشاي..

لا يستطيع أحد أن يلغي المشتركات التاريخية بين شعوب الأناضول وبلاد الشام؛ والد جدتي تركي هاجر من مدينة مرعش التركية إلى دمشق هرباً من ويلات الحرب في تركيا آنذاك وعرف بالمرعشلي ولده الشيخ ياسين المرعشلي خال الوالد وحفيده المنشد المعروف عبد القادر المرعشلي، وهانحن نعيد الكرّة ونرد الزيارة ونعيد فصول الحكاية، هي نفسها حكاية والد الشيخ آق شمس الدين مربّي وشيخ السلطان محمد الفاتح والملقب بالفاتح المعنوي للقسطنطينية الذي هاجر من دمشق إلى الأناضول واستقر في أماسيا على شاطئ البحر الأسود ودفن هناك..
من يستطيع أن يلغي مئات الكيلومترات من الحدود المشتركة فيما بيننا وآلاف الأسر المنصهرة فيما بينهم وملايين قصص الوفاء والحب بين الجيران وأخوة الأرض والجغرافيا.؟!
وبنفس الوقت نحن نقدر ونتفهم جهود الجهات المختصة بتصحيح وضبط أوضاع المخالفين العرب بعد سنوات طويلة من التغاضي عن أوضاعهم القانونية وسلامة وصحّة أوراقهم الرسمية، ونتمنى أن تتحلى فرق التنفيذ بالإنسانية والرحمة ما أمكنهم ذلك، وأن لا تؤثر حملات التهييج العنصري على أدائهم.. وأن يراجع المستغلين منهم لمواقعهم أنفسهم وأن يتذكروا وقفتهم أمام حضرة الحق يوم الحساب.

ختاماً
لكل متأثر أو حامل لرياح العنصرية البغيضة..
لقد كان أجدادنا يحملون أقوى جواز سفر في التاريخ عندما كانوا على جبهة واحدة وتحت علم واحد، وكانت السفن الصليبية تخفي أصواتها وتوقف أجراسها عندما تقترب من شواطئ الدولة العثمانية العليّة، دعونا لا ننسى ذلك رجاء.
دعونا نكمل طريقنا معاً ونعيد تاريخنا المشرق المضيء الذي جلب الخير والبركة للمنطقة ولشعوب العالم المظلومة، ولنحبط مخططات أعداء المنطقة في زرع الفتنة بين أهل البيت الواحد.

نحن مستمرون في نشر الأمل والخير في كل مكان حللنا فيه بحول الله، وسنبقي تجارتنا في هذه الأرض الطيبة مستمرة بحول الله، وسنستعين بأحفادنا وأخوتنا الاتراك على استمرار نجاحها وتنميتها بحول الله، وستذهب مجدداً رياح العنصرية البغيضة إلى أدراج النسيان..

قال تعالى: ((فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذۡهَبُ جُفَآءٗۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمۡكُثُ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ )) [سورة الرَّعد: الآية17] صدق الله العظيم.

عبدالله شام أوغلو
٢٨/٩/٢٠٢٣

*جميع المقالات المذكورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المنظمة