بقلم : فراس أبو هلال – رئيس تحرير موقع عربي 21
بهدوء عن الممارسات الانتقامية في سوريا وغيرها، وينطبق هذا برأيي على كل صراع:
الإنسان -كل إنسان- بطبيعته التي خلقها الله يميل للانتقام من الذين ظلموه، وتطالبه غريزته بالمعاملة بالمثل، وأشد من المثل.
ولكن الله أرسل الرسل والأنبياء ليضعوا شرائع للناس، ولعل هذا يبدو أكثر وضوحا في الدين الإسلامي. إن الهدف من هذه الشرائع هو ضبط غرائز الإنسان وطبيعته، التي تميل أيضا للتمرد والكسب والتجاوز وصفات أخرى (انظروا في آيات القرآن الكريم في أكثر من موقع ستجدون وصفا لكثير من هذه الصفات).
أما الذين لا يؤمنون بالأديان، فقد التجأوا للفلسفة، وللأخلاق الوضعية، وللقانون، وللأعراف، لضبط هذه الغرائز وتقنينها، حتى لا يتحول الكون لغابة (أكثر من الغابة التي نعيشها بالفعل الآن!).
ولذلك، فإن الصراعات -وخصوصا الأهلية- ستبقى تشهد ممارسات انتقامية بشعة، وانتهاكات خطيرة، لأن هذه هي طبيعة الإنسان، ولكن هذا لا يعني أن لا تمارس الدولة أو السلطة الأقوى في حال عدم وجود دولة دورها في تقليل هذه الانتهاكات.
أما بالنسبة للناس الذين هم خارج هذه الصراعات والحروب، فهم برأيي مطالبون بالدفاع عن القيم الإلهية، والقيم العادلة المصطلح عليها بين البشر.
لماذا؟
1. حتى يظل الحق حقا، والباطل باطلا، والصحيح صحيحا الخ، وحتى لا يصبح تحكم الغريزة بتصرفاتنا أمرا مقبولا أخلاقيا.
2. لأن هذه القيم هي القادرة على بناء الأمم -والدول في العصر الحديث- وغيابها سيؤدي دائما إلى اختلالات في المجتمع والأمة والدولة.
3. لأنك قد تكون اليوم الطرف الأقوى ولكنك ستكون الطرف الأضعف في يوم ما، فالوقوف في الخندق الصحيح هو لصالحك عندما تكون ضعيفا.
—
ملاحظتان:
1. البعض يدين استخدام مصطلح “الحرب الأهلية” لوصف بعض الصراعات في بلادنا العربية، مع أنه مصطلح محايد.كونك تستخدم هذا المصطلح فلا يعني أنك تساوي بين الطرفين أو لا تؤيد طرفا ضد آخر، هو مصطلح لا علاقة له بمن تؤيد ومن تعارض. إذا كانت مرجعيتك في النقاش هي الدولة الحديثة فيجب أن تقبل أن صراعا مسلحا داخل هذه الدولة اسمه حرب أهلية، وهذا يختلف عن الثورة الشعبية السلمية. إذا كنت ترفض هذه المرجعية، فيجب أن تكون متسقا مع نفسك وتستخدم نفس المرجعية في حكمك على كافة القضايا.
2. رفض الانتهاكات لا يعني رفض الفعل الأصلي. يعني بمعنى أنت قد تكون مع حق طرف بصراعه الذي يخوضه، ولكن هذا لا يعني أن تكون مع انتهاكاته