الشاب السوري المغدور فارس العلي ـ 17 عاماًـ لم يكن ضحية شباب أتراك قتلوه طعناً، وتركوه ينزف حتى الموت فحسب؛ وإنما هو شهيد خطاب الكراهية والتحريض الذي انتهجته أحزاب معارضة في تركيا لأجل الكرسي ضاربة عرض الحائط بكل القيم الإنسانية.
فارس -رحمه الله- كان نموذجاً عملياً جمع بين شقي التعامل في تركيا، فهو اليتيم الذي كفلته ورعته هيئة الإغاثة الإنسانية في تركيا İHH لتعكس الوجه المشرق لإنسانية هذا البلد، و اهتمام أبنائه بإغاثة ورعاية المتضررين من جيرانهم، وهو ضحية الخطاب العنصري لفئة تسعى إلى الوصول إلى الحكم بأي طريقة ولو بخطاب عنصري تحريضي.
إن العقلاء لا ينساقون خلف تلك الخطابات ولا يسهلون مهمة أصحابها بصب الزيت على نيرانها الملتهبة، وإنما يحسنون ضبط خطابهم وفهم حساسية المرحلة بين يدي انتخابات حاسمة في البلاد، لا يصلح فيها من وجهة نظري الوقوف على الحياد ونحن نرى صراعاً بين فريقين أحدهما يدافع عن اللاجئين ويهتم لهم، وآخر يريد أن يطردهم لحظة وصوله للحكم إن استطاع لذلك سبيلاً.
وعليه وعلينا ضبط خطابنا وعدم مجابهة العنصرية بالعنصرية والتحريض بالتحريض، وهذا لا يعني بحال إهمال المتابعة القانونية والاستعانة بالمحامين بالتوازي مع التأثير في الرأي العام للمطالبة بالعدالة واتخاذ أقصى العقوبات بحق القتلة.
ونحتاج في هذا السياق إلى فِرق تقوم برصد وملاحقة المحرضين على الكراهية فعلاً أو قولاً أو إقراراً، وتقديم ما يدينهم للقضاء.
لا يخفى على كثيرين ما تقوم به وسائل إعلام عربية حاقدة على تركيا من توظيف رخيص لمثل هذه الجرائم للنيل من البلد الذي يزعجهم بقيامه بما قصروا هم به، فضلاً عن فتح بابه لكل من ضاقت به سبل العيش بحرية وكرامة في بلدانهم خارج أسوار السجن، وكل ذنبهم أنهم يريدون الإصلاح والتغيير عبر صناديق الاقتراع لمجابهة الفساد ونشر العدل والنهوض ببلدانهم.
وعليه لا ينبغي الانسياق دون وعي خلف خطابهم التحريضي، مع انزعاجنا الشديد من تلك الجرائم العنصرية الهمجية التي يذهب ضحيتها الأبرياء ورفضنا الشديد لها.
دعونا نرسخ منهجاً يركّز على طلب العدالة وترك تفاصيل إدانة المجرمين للقضاء، مع الاستمرار بنشر خطاب التعايش والأخوة الإنسانية رغم أنف الحاقدين وأصحاب المصالح الضيقة الذين لا يفكرون بأبعد من الاستحواذ على الكرسي بأي ثمن.
بقلم: عدنان حميدان/ أمين سر منظمة “متحدون ضد التعصب الطائفي” وعضو في الأمانة العامة للمنظمة.